الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التواصل مع من شاهد إعلان سلعة معينة وعرضها عليه

السؤال

بعض الشركات تقوم بإدراج إعلانٍ مموّلٍ على صفحاتها على "فيسبوك" للإعلان عن منتجٍ معين. وعندما يشاهد بعض العملاء هذا الإعلان، يسألون عن سعر المنتج الذي تعرضه تلك الشركة.
أنا لا أنتمي إلى هذه الشركة، ولكنني أعمل في نشاط خاص يعرض المنتج ذاته الذي تروّج له الشركة في إعلانها. فهل من الحرام أن أتواصل مع العملاء الذين يطرحون أسئلتهم حول هذا المنتج في الإعلان المذكور؟ وذلك بالنظر إلى أن هذه الشركة قد دفعت أموالًا لإدراج هذا الإعلان المموّل، فهل يُعدّ تواصلي مع العملاء سرقة؟ لأن الشركة الأخرى هي التي تحملت تكلفة الإعلان، بينما أنا لا أنتمي إليها.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يظهر ما يمنع من تواصلك مع من يستفسر عن ثمن المنتج، لعرض منتجك عليه وبيعه له إن رضي.

وكونه قد اطلع على الإعلان، فهذا لا يمنع من التعامل معه في نفس السلعة التي تم الإعلان عنها من قبل الشركة.

وإنما المنهي عنه هو البيع على البيع، أو السَّوم على السوم، فعن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يبع بعضكم على بيع بعض. رواه مسلم، ومثاله: أن يقول لمن اشترى شيئًا في مدة الخيار: افسخ هذا البيع وأنا أبيعك مثله بأرخص من ثمنه، أو أجود منه بثمنه، ونحو ذلك، وهذا حرام.

وعن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يَسُمْ المسلم على سَوْمِ أخيه، رواه مسلم، ومعناه: أن يكون قد اتفق مالك السلعة والراغب فيها على البيع ولم يعقداه، فيقول آخر للبائع أنا أشتريه، وهذا حرام بعد استقرار الثمن.

قال أبو عمر بن عبد البر في كتابه (التمهيد): قال أبو عمر: ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث وغيره: لا يبع بعضكم على بيع بعض، ولا يبع الرجل على بيع أخيه، ولا يسم على سومه -عند مالك وأصحابه- معنى واحد كله، وهو أن يستحسن المشتري السلعة ويهواها، ويركن إلى البائع ويميل إليه ويتذاكران الثمن، ولم يبق إلا العقد، والرضا الذي يتم به البيع، فإذا كان البائع والمشتري على مثل هذه الحال -لم يجز لأحد أن يعترضه، فيعرض على أحدهما ما به يفسد به ما هما عليه من التبايع، فإن فعل أحد ذلك فقد أساء، وبئسما فعل، فإن كان عالمًا بالنهي عن ذلك فهو عاص لله. ولا أقول إن من فعل هذا حرم بيعه الثاني ... ولا خلاف عن الشافعي وأبي حنيفة في أن هذا العقد صحيح، وإن كره له ما فعل، وعليه جمهور العلماء، ولا خلاف بينهم في كراهية بيع الرجل على بيع أخيه المسلم، وسومه على سوم أخيه المسلم، ولم أعلم أحدًا منهم فسخ بيع من فعل ذلك. انتهى.

ولا شيء من ذلك هنا، فالمستفسر عن الثمن لم يركن إلى البائع، ولم يشتر منه، فيجوز التواصل معه لعرض السلعة عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني