الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالفقد والفراغ لكثرة غياب زوجي عن المنزل، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تزوجت منذ ثلاث سنوات، ولدي طفل يبلغ من العمر سنة واحدة.
كان زواجي بإرادتي، رغم عدم موافقة أهلي أو مباركتهم له لأسباب أراها غير منطقية، منها أن راتب زوجي غير كافٍ، مع العلم أنه يبلغ عشرة آلاف، وبالنسبة لي الأهم هو الأخلاق والالتزام والسعادة أينما كانت، سواء في قصر أو خيمة في الصحراء، فالسعادة داخلية وليست مرتبطة بالمكانة، والحمد لله على كل حال.

مشكلتي الأولى هي حب زوجي لمشاهدة الأفلام الإباحية واحتفاظه بها، وعندما أتحدث معه بتفاهم يرد قائلاً: "هل تريدين أن أراها خارج البيت وأنت لا تعلمين؟"، واستسلمت بعد محاولات عديدة، وأدعو له وللجميع بالهداية.

مشكلتي الأخرى هي غيابه الدائم عن البيت، مع أنني لم أقصر في أي شيء تجاهه أو تجاه بيتنا، وهذا بشهادته شخصيًا وشهادة الجميع، ودائمًا ما يعترف بأنه يشعر بالراحة وأنه يحبني، لكني أفتقد وجوده بجانبي، ومللتُ كل شيء، حتى وجودي معه أصبح روتينيًا، ولم أعد أشعر معه بشيء، وكأن الحب تلاشى وتحول إلى سراب.

لا أخفيكم سرًا، أصبحتُ أدخل مواقع الشات والدردشة لملء فراغي فقط، دون التحدث مع أحد، مجرد قراءة ما يكتبون، وأخاف أن يتطور الأمر.

أحيانًا أفكر في الرجوع إلى أهلي، لكن علاقتي بهم عادية، ولا أحب التحدث عن مشاكلي مع أي شخص مهما كان قريبًا مني.

أتمنى أن أجد حلاً لهذه الوضعية، فحتى ابني يفتقد وجود والده في البيت، وإذا رآه يبدأ بالصراخ فرحًا وكأنه مَلَكَ الدنيا، وكل خوفي على ابني من ابتعاد زوجي عن المنزل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عبير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لقد أسعدني هذا الفهم العميق لمعنى السعادة، وإدراكك لمنابعها، وأسأل الله أن يسعدنا وإياكم بطاعته وذكره وشكره وحسن عبادته، فإن السعادة الحقة لا تنال إلا بعبادة الله والرضا بقضائه وقدره.

وما يفعله الزوج خطير عليه وعليك، ولكن كونه يفعل هذا أمامك وفي وجودك؛ يدعونا إلى تذكيرك بضرورة التفنن في إبراز مفاتنك له، والاجتهاد في إيجاد برامج بديلة جاذبة له، فالمرأة التي تودع زوجها بالدعاء والقبلات وتسأل عنه بالهاتف والمراسلات، وتستقبله بالابتسامات؛ تجعل قلبه مرتبطاً بمنزله، وما يكاد يخرج إلا ويشتاق إلى العودة.

وأرجو أن يدرك الزوج وتدركي أنتِ بأن الإدمان على المشاهد المخلة، أو متابعة الشات يجلب الفتور للعلاقات الزوجية؛ لأن شهوة الرجل تتحول وتتمحور حول مجرد المشاهدة، وبناءً على ما ذكر، ننصحك بما يلي:

1. الدعاء له ولنفسك.
2. إظهار الفرح بوجوده والثناء على كل خطوة إلى الأمام حتى ولو كانت يسيرة.
3. تذكيره برعاية الضوابط الشرعية وضرورة حفظ البصر، فإن الرجل لا يحل له النظر إلى المحرمات حتى ولو كان في حضور زوجته، وليس في النظر خير سواء أكان في البيت أو خارجه.

4. تخويفه من آثار المعاصي والمخالفات، فقد يفقد الإنسان طعم الحياة إذا عصى الله، وقد قال ابن القيم: "لا يستمتع العاصي بالمعصية إلا كما يستمتع الجرب بحك الجرب".
5. محاولة الدخول إلى حياته والمشاركة في اهتماماته.
6. معرفة ما يجذبه في الخارج ليس لأجل التنكيد عليه ولكن لتوفير ما يمكن من المطلوب داخل المنزل.

7. عدم العودة لأهلك لأن هذا في الغالب سوف يزيد الأمر سوءاً، وهذا تقدير لك.
8. المحافظة على سرية وخصوصية المشاكل التي بينكما.
9. التواصل الإيجابي مع الأهل ونسيان المواقف التي حصلت عند الزواج.
10. تقوى الله في السر والعلن ومراقبته سبحانه.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً