الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في مدلول هذا الحديث، هل يتناول العموم، أو يراد به من ضيع الصلاة، أو يخرج منه من صلى العشاء في جماعة، أو من قام الليل مبكرًا؟ كما اختلفوا هل يراد به النوم عن التهجد، أو عن صلاة الصبح؟
فقد جاء في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للملا علي قاري: وهذا الذم مختص بمن لم يقم إلى الصلاة وضيعها، أما من كانت له عادة فغلبته عينه، فقد ثبت أن الله يكتب له أجر صلاته، ونومه عليه صدقة، ذكره ابن عبد البر. اهـ.
وجاء في شرح القسطلاني لصحيح البخاري: ظاهره التعميم في المخاطبين، ومن في معناهم، ويمكن أن يخص منه من صلى العشاء في جماعة، ومن ورد في حقه أنه يحفظ من الشيطان: كالأنبياء، ومن يتناوله قوله: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان} [الإسراء: 65]، وكمن قرأ آية الكرسي عند نومه، وقد ثبت أنه يحفظ من الشيطان حتى يصبح... (فإن استيقظ) من نومه (فذكر الله) بكل ما صدق عليه الذكر، كتلاوة القرآن، وقراءة الحديث، والاشتغال بالعلم الشرعي (انحلت عقدة) واحدة من الثلاث، (فإن توضأ انحلت عقدة) أخرى ثانية، (فإن صلى) الفريضة، أو النافلة (انحلت عقده) الثلاث كلها...
ومقتضى قوله: وإلا أصبح أنه إن لم يجمع الأمور الثلاثة، دخل تحت من يصبح خبيثًا كسلان، وإن أتى ببعضها، لكن يختلف ذلك بالقوة والخفة، فمن ذكر الله مثلاً كان في ذلك أخف ممن لم يذكر أصلاً. وهذا الذمّ مختص بمن لم يقم إلى الصلاة وضيعها.
أمّا من كانت له عادة، فغلبته عينه، فقد ثبت أن الله يكتب له أجر صلاته، ونومه عليه صدقة، ولا يبعد أن يجيء مثل ما ذكر في نوم النهار، كالنوم حالة الإبراد مثلاً، ولا سيما على تفسير البخاري من أن المراد بالحديث الصلاة المفروضة. قاله في الفتح...
وظاهر الحديث يدلّ على أن العقد يكون عند النوم، سواء صلى قبله أو لم يصل. قاله في عمدة القارئ، رادًا على صاحب الفتح، حيث قال: ويحتمل أن تكون الصلاة المنفية في الترجمة صلاة العشاء، فيكون التقدير: إذا لم يصل العشاء، فكأنه يرى أن الشيطان إنما يفعل ذلك بمن نام قبل صلاة العشاء، بخلاف من صلاها لا سيما في الجماعة، فإنه كمن قام الليل في حل عقد الشيطان. اهـ.
والله أعلم.