الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استمرار التبول اللا إرادي عند الطفل حتى البلوغ

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ابن أختي يعاني من مشكلة التبول اللا إرادي الليلي منذ صغره، واستمرت معه حتى الآن، وقد بلغ الخامسة عشرة من عمره، بذلت أختي جهدًا في محاولة علاجه عن طريق إيقاظه ليلاً للتبول، وقد لاحظت أنه يتبول فقط في بداية الليل، فعلى سبيل المثال: إذا نام في الساعة العاشرة مساءً وأيقظته في الساعة الثانية عشرة ليلاً للتبول؛ فإنه يبقى جافًا بقية الليل، فهل هذه المشكلة مشكلة عضوية، أم نفسية؟

أختي في حيرة من أمرها، أرجو إفادتنا ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمينة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على اهتمامك بأمر ابن أختك، ونسأل الله له العافية والشفاء.

إن استمرار التبول اللا إرادي الليلي لدى ابن الخامسة عشرة من عمره -خاصةً إذا كان موجودًا منذ الولادة- يستدعي إجراء بعض الفحوصات العضوية، للتأكد من عدم وجود مشكلة في الجهاز البولي، فقد تكون هي السبب وراء ذلك، وتتضمن الفحوصات التي يُجريها الأطباء ما يلي:

1. صورة أشعة عادية للظهر: وذلك للتحقق من وجود أي فجوة بين الفقرات العظمية، في الجزء السفلي من الظهر، ففي بعض الحالات، قد تتسع هذه الفجوة، وتؤدي إلى ضعف العصب المسؤول عن التحكُّم في المثانة؛ ممَّا ينتج عنه عدم القدرة على التحكم في البول، خاصة أثناء الليل، وهذا فحص بسيط وضروري في حالة ابن أختك.

2. فحص البول: للتأكد من عدم وجود التهابات أو زيادة في الأملاح، وأرى أن هذين الفحصين سيكونان كافيين في البداية.

3. فحص الأعضاء التناسلية والجهاز البولي: في بعض الحالات النادرة، قد توجد بعض التكوينات الخلقية المختلفة؛ لذا يجب على الطبيب الذي يجري الفحص (فحص البول وأشعة الظهر) أن يفحص أيضًا الأعضاء التناسلية والجهاز البولي، للتأكد من عدم وجود أي مشكلة من هذا النوع.

هذه أسس طبية ضرورية في مثل عمره؛ لذا أرجو مراجعة الطبيب لتوضيح وضعه الصحي العضوي.

أمَّا بالنسبة للجانب النفسي، فإن معظم هذه الحالات قد يكون سببها نفسيًا، أو مجرد عادة اكتسبها الطفل، ولم يتم تدريبه بشكل صحيح على التحكُّم في البول، أو كان هناك نوع من الإهمال في التعامل مع الحالة، أو يعاني من عدم استقرار نفسي،وإذا تبيَّن عدم وجود أي أسباب عضوية، فأنصح بما يلي:

1. تعليمه العادات الصحية السليمة: يبدو أن ابن أختك تمتلئ مثانته بالبول بعد وقت قصير من النوم، وهذا يشير إلى أنه ربما يتناول كميات كبيرة من السوائل قبل النوم، أو أنه لا يفرغ مثانته بالكامل قبل النوم، لذا يجب نصحه بتجنب تناول أي سوائل، خاصة المدرة للبول، كالحليب والشاي والقهوة والمشروبات الغازية، بعد الساعة السادسة مساءً.

2. التبول قبل النوم مع الإفراغ الكامل: يجب تعليمه الذهاب إلى الحمام قبل النوم، وبعد توقف التبول، عليه أن يدفع قليلًا، ويستخدم عضلاته في دفع البول المتبقي في المثانة، لإخراج أي كميات متبقية منه، هذه خطوات بسيطة ولكنها ضرورية، لذا أرجو التنبيه عليها.

3. حبس البول أثناء النهار: يجب تشجيعه على عدم الذهاب إلى الحمام بشكل متكرر خلال النهار؛ لأن ذلك يعطي المثانة فرصة للتوسع وزيادة قدرتها على استيعاب البول أثناء الليل، أرجو الحرص على ذلك.

4. ممارسة الرياضة: تشجيعه على ممارسة الرياضة، خاصة التي تقوي عضلات البطن.

5. التشجيع والتحفيز: عدم الإكثار من انتقاده، بل تشجيعه وتحفيزه عندما لا يتبول ليلًا.

هناك دواء يعرف تجاريًا باسم (Tofranil - توفرانيل) ويعرف علميًا باسم (Imipramine ايميبرامين)، هذا دواء جيد يساعد في وقف التبول اللا إرادي الليلي، ولم تُعرف الآلية الدقيقة لعمله حتى الآن؛ حيث إنه في الأصل دواء مضاد للاكتئاب، ولكنه وجد أنه مفيد جداً في مثل هذه الحالات، فإذا تبيَّن عدم وجود أي سبب عضوي -كما ذكرنا سابقًا- أرجو أن يبدأ ابن أختك في تناول هذا الدواء بجرعة عشرة مليجرام ليلاً لمدة أسبوع، ثم ترفع الجرعة إلى خمسة وعشرين مليجرامًا ليلاً.

من المفترض أن يتوقف التبول مع هذه الجرعة، خاصةً إذا طبق الإرشادات السابقة، ويمكنه الاستمرار على هذا الدواء لمدة ستة أشهر مثلًا، ثم التوقف عن تناوله، أمَّا إذا لم يتوقف التبول اللا إرادي مع جرعة خمسة وعشرين مليجرامًا من التفرانيل، فلا مانع من رفع الجرعة إلى خمسين مليجرامًا، وتناولها بمعدل خمسة وعشرين مليجرامًا في الصباح، ومثلها في المساء.

هناك أدوية أخرى تعمل عن طريق إضعاف إفراز الهرمون الذي يؤدي إلى إفراز البول، وتعطى على شكل بخاخ عن طريق الأنف، ولكني لا أعتقد أن هناك حاجة لمثل هذا الدواء في حالة ابن أختك.

أرجو أيضًا مساعدته في تطوير مهاراته الأخرى، وحثه على الدراسة، وتعزيز ثقته بنفسه، وتوجيهه في أمور الحياة العامة، فتقوية شخصيته وتطوير مهاراته سيساهم في استقراره النفسي، وسيعود عليه بالكثير من النفع إن شاء الله.

ختاماً: نشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله له ولكم الصحة والعافية، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً